الإثنين, 27 آذار/مارس 2023   الموافق لـ 6. رمضان 1444

فضيلة الصلاة والاعتكاف في الحرم كله

عدد المشاهدات: 6862 أضيفت بتاريخ: الأربعاء, 16 تموز/يوليو 2014. نشرت في: عامة

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الصلاة والاعتكاف في الحرم كله

 

بيان أن المسجد الحرام يراد به الحرم كله

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:" قال تعالى:[إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً العَاكِفُ فِيهِ وَالبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ] {الحج:25}  , والمسجد الحرام هنا المراد به الحرم كله كقوله تعالى:[ إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ] {التوبة:28} , فهذا المراد به الحرم كله , وقوله سبحانه:[سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى] {الإسراء:1} , ففي الصحيح:[ أنه أسري به من بيت أم هانئ ] , وقال تعالى:[ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ] {البقرة:196} " أ.هـ  أنظر زاد المعاد:(3/435) .

فالمسجد الحرام يراد به في كتاب الله تعالى ثلاثة أشياء : نفس البيت و  المسجد الذي حوله و  الحرم كله :

فالأول :كقوله تعالى:[ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ] {البقرة:144}.

والثاني : كقوله تعالى:[ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ] {التوبة:19}.

والثالث : كقوله تعالى:[ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ]{الإسراء:1}.

 

*****

فـصـل

بيان معنى قوله تبارك وتعالى:[ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ]{البقرة:125}.

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال:(( إذا كان قائما فهو من الطائفبن وإذا كان جالسا فهو من العاكفين وإذا كان مصليا فهو من الركع السجود ))

دل على ذلك أيضاً قوله تعالى:[ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ] {الحج:25 } .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله:[ سَوَاء]  يعني شرعا واحدا ,  :[ الْعَاكِفُ فِيهِ] قال: أهل مكة في مكة أيام الحج , :[ وَالْبَادِ]  قال: من كان في غير أهلها من يعتكف به من الآفاق )) .

وأخرج عبد بن حميد والبيهقي في شعب الإيمان عـن قتادة في الآية قال:" [ سَوَاء] في جواره وأمنه وحرمته , :[ الْعَاكِفُ فِيهِ] , أهـل مكة , :[ وَالْبَادِ] من يعتكفه من أهل الآفاق "

قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى:" ثم اختلف أهل التأويل فيمن عنى الله بقوله:[ وَالْعَاكِفِينَ ] :

فقال بعضهم : عنى به الجالس في البيت الحرام بغير طواف ولا صلاة . ذكر من قال ذلك حدثنا أبو كريب قال ثنا وكيع عن أبي بكر الهذلي عن عطاء قال: إذا كان طائفا بالبيت فهو من الطائفين وإذا كان جالسا فهو من العاكفين .

وقال بعضهم :[ الْعَاكِفِينَ ] : هم المعتكفون المجاورون .

ذكر من قال ذلك حدثنا أحمد بن إسحاق قال ثنا أبو أحمد الزبيري قال ثنا شريك عن جابر عن مجاهد وعكرمة:[ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ] : قال: المجاورون .

وقال بعضهم :[ الْعَاكِفِينَ ]  : هم أهل البلد الحرام.

ذكر من قال ذلك حدثنا أبو كريب قال ثنا أبو بكر بن عياش قال ثنا أبو حصين عن سعيد بن جبير في قوله:[ وَالْعَاكِفِينَ ] قال: أهل البلد .

حـدثنا بشر بن معاذ قال ثنا يزيـد بن زريع قال ثنا سعيد عـن قتادة: [ وَالْعَاكِفِينَ ]  قال: العاكفون أهله .

وقال آخرون :[ الْعَاكِفِينَ ]  : هم المصلون .

ذكر من قال ذلك حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال حدثني حجاج عن بن جريج قال: قال بن عباس في قـوله:[ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ]  قال: العاكفون , المصلون .

وأولى هذه التأويلات بالصواب ما قاله عطاء وهو أن العاكف في هذا الموضع المقيم في البيت مجاورا فيه بغير طواف ولا صلاة . لأن صفة العكوف ما وصفنا : من الإقامة بالمكان . والمقيم بالمكان قد يكون مقيما به وهو جالس ومصل وطائف وقائم , وعلى غير ذلك من الأحوال , فلما كان تعالى ذكره قد ذكر في قوله:[ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ] , المصلين والطائفين علم بذلك أن الحال التي عنى الله تعالى ذكره من العاكف غير حال المصلي والطائف , وأن التي عنى من أحواله هو العكوف بالبيت على سبيل الجوار فيه وإن لم يكن مصليا فيه ولا راكعا ولا ساجدا " أ.هـ أنظر تفسير الطبري:(1/540) .

فتبين أنه ليس المراد بالعاكفين كما يظن الكثيرون الاعتكاف في العشر

الأواخر من رمضان , وإنما المكوث بمكة , فكل من أقام بمكة بنية القربة فهو من العاكفين .

 

*****

فـصـل

بيان أن فضل مضاعفة ثواب الصلاة في الحرم كله

قال تعالى:[ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ] {البقرة:125}.

أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والفاكهي في أخبار مكة أن ابن عباس قال:(( مقام إبراهيم الحرم كله )) , وهو رضي الله عنه لا يريد نفي وجود مقام لإبراهيم عليه السلام ولكنه أراد بيان أن فضل الصلاة في الحرم كله , وصدق رضي الله عنه فإن عامة صلاة الحاج ليست عند الكعبة بل في منى وهي من الحرم ,  بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل بدء الحج أربعة أيام في الأبطح وهو من الحرم ولم يصل عند الكعبة إلا صباح اليوم الذي غادر فيه.

وهذا ما قرره من أخذ العلم عن ابن عباس رصي الله عنهما , فقد أخرج الطيالسي وأحمد والبزار وابن عدي والبيهقي وابن خزيمة وابن حبان عن عبد الله بن الزبير قال:(( قال رسول الله r:[ صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة في مسجدي هذا] , قيل لعطاء: هذا الفضل الذي يذكر في المسجد الحرام وحده أو في الحرم ؟ قال: لا بل في الحرم فإن الحرم كله مسجد ))

ويؤكد هذا ما رواه الإمام أحمد في قصة صلح الحديبية من حديث المسور بن مخرمة:(( وكان رسول اللَّهِ r يصلي في الْحَرَمِ وهو مُضْطَرِبٌ في الْحِلِّ )) .

قال ابن القيم رحمه الله:" وفي هذا كالدلالة على أن مضاعفة الصلاة بمكة تتعلق بجميع الحرم لا يخص بها المسجد الذي هو مكان الطواف وأن قـوله:[ صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي ] , كقوله تعالى:[ فَلَا يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرَامَ] {التوبة:28} , وقوله تعالى:[ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ]{الإسراء:1}, وكان الإسراء من بيت أم هانئ " أ.هـ أنظر زادا المعاد:(3/303)

وقد جرى عمل الصحابة y على هذا فقد روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن مجاهدا يقول:( رأيت عبد الله بن عمرو بن العاص بعرفة ومنزله في الحـل ومصلاه في الحرم , فقيل له لم تفعل هذا ؟ فقال: لأن العمل فيه أفضل والخطيئة أعظم فيه ) .

وقد روى مالك في الموطأ والبخاري تعليقا عن عَبْدَ الرحمن بن عَبْدٍ القارىء:( انه طَافَ بِالْبَيْتِ مع عُمَرَ بن الْخَطَّابِ بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ فلما قَضَى عُمَرُ طَوَافَهُ نَظَرَ فلم يَرَ الشَّمْسَ طلعت فَرَكِبَ حتى أَنَاخَ بِذِي طوى فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ) , وذو طوى من الحرم , وهو يدل على أنه متقرر عندهم فضيلة الصلاة في الحرم كله .

ولا أعلم أحدا من الصحابة y والتابعين قال: إن التضعيف خاص بالمسجد الذي حول الكعبة .

وأما استدلال : بعض أهل العلم بحديث ميمونة رضي الله عنها الذي رواه مسلم أنها قالت:(( سمعت رَسُولَ اللَّهِ r يقول:[ صَلَاةٌ فيه أَفْضَلُ من أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ من الْمَسَاجِدِ إلا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ ] )) :

فلا يدل على أن المقصود المسجد الذي حول الكعبة , بل الحرم كله كما في قوله تعالى:[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ ] الآية  {المائدة:95}, فالمقصود بالكعبة هنا الحرم كله ولا يجوز بالاتفاق النحر حول الكعبة .

وقـال الشيخ ولي الدين العراقي:" ولا يختص التضعيف بالمسجد الذي كان في زمنه بل يشمل جميع ما زيد فيه بل المشهور عند أصحابنا أنه يـعم جميع مكـة بل جميع حرمها الذي يحرم صيده كما صححه النووي " أ.هـ أنظر حاشية ابن عابدين:(1/659) .

 

*****

فـصـل

بيان أن فضيلة الاعتكاف في جميع مساجد الحرم

وروى البخاري والشافعي ومـن طريقه البيهقي وهذا لفظه عن عطاء قال:( ذهبت أنا وعبيد بن عمير إلى عائشة رضي الله عنها وهي معتكفة في ثبير فسألناها عن قول الله عز وجل:[لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ] قالت:( لا والله وبلى والله ) , وثبير جبل داخل حدود الحرم , ولفظ البخاري:( وهي مجاورة ) أي:  معتكفة , كما قـالت عائشة رضي الله عنها:(( كان رسول الله r يجاور في العشر الأواخر مـن رمضان ويقول :[ تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ] )) , وفي لفظ عبد الرزاق عن بن أبي مليكة قال:( اعتكفت عائشة بين حراء وثبير فكنا نأتيها هناك وعبد لها يؤمها ) , وهذا يشير إلى أن ذلك كان في رمضان ,

ويـدل على فضل الاعتكاف في الحرم كـله أصل الكلمة في قوله تعالى:[ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ]{البقرة:125}.

وقوله تعالى:[ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ]{الحج:25 } . فهذا في الحرم كله كما تقدم في كلام السلف .

قال ابن جرير رحمه الله:" وإنما قيل للمعتكف معتكف من أجل مقامه في الموضع الذي حبس فيه نفسه لله تعالى " أ.هـ أنظر تفسير الطبري:(1/539).

وأخرج عبد بن حميد عن ابن حصين قال:" سألت سعيد بن جبير أعتكف بمكة ؟ قال: لا , أنت معتكف ما أقمت , قال الله[سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ] " أ.هـ

وروى عبد الرزاق عن بن جريج عن بن طاووس قال:" يجاور من ليس من أهلها حيث شاء منها ويجاور أهلها بباب المسجد إن كان نوى الاعتكاف ببابه ويكره الرقاد في المسجد " أ.هـ

وعن فضيل عن ليث عن مجاهد قال:" الحرم كله مسجد يعتكف في أيه شاء وإن شاء في منزله , إلا أنه لا يصلى إلا في جماعة " رواه عبد الرزاق في المصنف .

وعن بن جريج عن عمرو بن دينار أنه قال:" في البدوي إذا نذر جوارا لم ينوه بباب المسجد فإنه يجاور بأي القرية شاء " رواه عبد الرزاق في المصنف .

وهذه الأدلة والآثار تدل : على أن للمسجد الحرام أي الحرم كله خصوصية دون سائر بقاع الأرض في فضيلة الاعتكاف في أي موضع منه , ولا ريب أن المساجد داخل الحرم أفضل من غيرها لعموم قوله تعالى:[ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ]{البقرة:187} .

وأخرج عبد بن حميد بسنده عن مسلم بن يناق قال:" كنت مع بن عمر في مسجد بمكة فمر فتى مسبل إزاره فقال: يا فتى ممن أنت ؟ , قال: من بني بكر , قال: أما تحب أن ينظر إليك يوم القيامة ؟ , قال سبحان الله بلى , قال: فارفع إزارك إذا فإني سمعت أبا القاسم r بأذني وأومأ بأصبعيه إلى أذنيه يقول:[ من جر إزاره لا يريد إلا الخيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ] " .

وأخرج الفاكهي بسنده عن مغيرة بن عبيد بن ركانة عن أبيه قال:" إنه رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه في مسجد بمكة مستلقيا قد وضع إحدى رجليه على الأخرى " .

وأخرج عبد الرزاق عن بن جريج عن سليمان بن موسى:" أن عمر لم يجمع أهل مكة على قارئ واحد من أجل الطواف ترك من شاء طاف "

وأخرج عبد الرزاق أيضاً عن بن جريج عن عطاء:" أن بعض امرائهم معاوية أو غيره أراد جمع أهل مكة على قارئ واحد فقال: مكره كرنبس لا تفعل دع الناس من شاء طاف ومن شاء صلى بصلاة القارئ ففعل "

ولا ريب أن في هذا من التيسير على المسلمين ما لا يخفى ومن هنا تظهر الحكمة في ترك النبي عليه الصلاة والسلام الصلاة عند الكعبة في سائر أيام حجته ليكون المسجد الذي حول الكعبة للطائفين .

قال ابن عبد الهادي رحمه الله:" قال أبو بكر النقاش: فحسبت ذلك على هذه الرواية فبلغت صلاة واحدة في المسجد الحرام عمر خمس وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة وصلاة يـوم وليلة في المسجد الحرام - وهي خمس صلوات – عـمر مائتي سنـة وسبـع وسبعين سـنة وتسعة أشهر وعشر ليال " أ.هـ أنظر تنقيح تحقيق أحاديث التعليق:(2 / 453) .

والله أعلم

والحمد لله رب العالمين

كتبه / عبد الله بن صالح العبيلان


1435/9/4 هجري