اللآلئ المتناثرة ( 4 )
اللآلئ المتناثرة ( 4 )
91- الفوائد ج1/ص115
قال بشر بن الحارث : أهل الآخرة ثلاثة عابد و زاهد و صديق :
فالعابد / يعبد الله مع العلائق.
والزاهد / يعبده على ترك العلائق.
والصديق / يعبده على الرضا والموافقة أن أراه أخذ الدنيا أخذها وان أراه تركها تركها .
92- الفوائد ج1/ص148
اطلب قلبك في ثلاثة مواطن عند سماع القرآن وفي مجالس الذكر وفي أوقات الخلوة فان لم تجده في هذه المواطن فسل الله أن يمن عليك بقلب فانه لا قلب لك .
93- الفوائد ج1/ص154
العوائق فهي أنواع المخالفات ظاهرها وباطنها فإنها تعوق القلب عن سيره إلى الله وتقطع عليه طريقة وهي ثلاثة أمور شرك وبدعة ومعصية فيزول عائق الشرك بتجريد التوحيد وعائق البدعة بتحقيق السنة وعائق المعصية بتصحيح التوبة .
94- الفوائد ج1/ص172
النعم ثلاثة نعمة حاصلة يعلم بها العبد ونعمة منتظرة يرجوها ونعمة هو فيها لا يشعر بها فإذا أراد الله إتمام نعمته على عبده عرفة نعمته الحاضرة وأعطاه من شكره قيدا به حتى لا تشرد فإنها تشرد بالمعصية وتقيد بالشكر ووفقه لعمل يستجلب به النعمة المنتظرة ويبصره بالطرق التي تسدها وتقطع طريقها ووفقه لاجتنابها وإذا بها قد وافت إليه على أتم الوجوه وعرفه النعم التي الفوائد هو فيها فلا يشعر بها ويحكي أن أعرابيا دخل على الرشيد فقال أمير المؤمنين ثبت الله عليك النعم التي أنت فيها بإدامة شكرها وحقق لك النعم التي ترجوها بحسن الظن به ودوام طاعته وعرفك النعم التي أنت فيها ولا تعرفها لتشكرها فأعجبه ذلك منه وقال ما أحسن تقسيمه
95- الفوائد ج1/ص185
واللباس والهيأة ثلاثة أنواع منه ما يحمد ومنه ما يذم ومنه مالا يتعلق به مدح ولا ذم فالمحمود منه ما كان لله وأعان على طاعة الله وتنفيذ أوامره والاستجابة له كما كان النبي يتجمل للوفود وهو نظير لباس آله الحرب للقتال ولباس الحرير في الحرب والخيلاء فيه فإن ذلك محمود إذا تضمن إعلاء كلمة الله ونصر دينه وغيظ عدوه والمذموم منه ما كان للدنيا والرياسة والفخر والخيلاء والتوسل إلى الشهوات وأن يكون هو غاية العبد وأقصى مطلبه فإن كثيرا من النفوس ليس لها همة في سوى ذلك وأما مالا يحمد ولا يذم هو ما خلا عن هذين القصدين وتجرد عن الوصفين.
96- الفوائد ج1/ص51
الاجتماع بالإخوان قسمان احدهما اجتماع علي مؤانسة الطبع وشغل الوقت فهذا مضرته أرجح من منفعته وأقل ما فيه انه يفسد القلب ويضيع الوقت الثاني الاجتماع بهم علي التعاون علي أسباب النجاة والتواصي بالحق والصبر فهذا من أعظم الغنيمة وأنفعها ولكن فيه ثلاث آفات أحداها تزين بعضهم لبعض الثانية الكلام والخلطة أكثر من الحاجة الثالثة أن يصير ذلك شهوة وعادة ينقطع بها عن المقصود وبالجملة فالاجتماع والخلطة لقاح إما للنفس الأمارة وإما للقلب والنفس المطمئنة والنتيجة مستفادة من اللقاح فمن طلب لقاحه طابت ثمرته وهكذا الأرواح الطيبة لقاحها من الملك والخبيثة لقاحها من الشيطان وقد جعل الله سبحانه بحكمته الطيبات للطيبين والطيبين للطيبات وعكس ذلك
97- الوابل الصيب ج1/ص11
العبد دائم التقلب بين هذه الأطباق الثلاث :-
الأول / نعم من الله تعالى تترادف عليه فقيدها الشكر وهو مبني على ثلاثة أركان الاعتراف بها باطنا والتحدث بها ظاهرا وتصريفها في مرضاة وليها ومسديها ومعطيها فإذا فعل ذلك فقد شكرها مع تقصيره في شكرها .
الثاني / محن من الله تعالى يبتليه بها ففرضه فيها الصبر والتسلي والصبر حبس النفس عن التسخط بالمقدور وحبس اللسان عن الشكوى وحبس الجوارح عن المعصية كاللطم وشق الثياب ونتف الشعر ونحوه فمدار الصبر على هذه الأركان الثلاثة فإذا قام به العبد كما ينبغي انقلبت المحنة في حقه منحة واستحالت البلية عطية وصار المكروه محبوبا فان الله سبحانه وتعالى لم يبتله ليهلكه وإنما ابتلاه ليمتحن صبره وعبوديته فان لله تعالى على العبد عبودية الضراء
الضراء وله عبودية عليه فيما يكره كما له عبودية فيما يحب وأكثر الخلق يعطون العبودية فيما يحبون والشأن في إعطاء العبودية في المكاره ففيه تفاوت مراتب العباد وبحسبه كانت منازلهم عند الله تعالى فالوضوء بالماء البارد في شدة الحر عبودية ومباشرة زوجته الحسناء التي يحبها عبودية ونفقته عليها وعلى عياله ونفسه عبودية هذا والوضوء بالماء البارد في شدة البرد عبودية وتركه المعصية التي اشتدت دواعي نفسه إليها من غير خوف من الناس عبودية ونفقته في الضراء عبودية ولكن فرق عظيم بين العبوديتين فمن كان عبدا لله في الحالتين قائما بحقه في المكروه والمحبوب فذلك الذي تناوله قوله تعالى (( أليس الله بكاف عبده )) وفي القراءة الأخرى (( عباده )) وهما سواء لان المفرد مضاف فينعم عموم الجمع فالكفاية التامة مع العبودية التامة والناقصة فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه .
98- الوابل الصيب ج1/ص40
والقلوب ثلاثة قلب خال من الإيمان وجميع الخير فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من إلقاء الوساوس إليه لأنه قد اتخذه بيتا ووطنا وتحكم فيه بما يريد وتمكن منه غاية التمكن .
القلب الثاني قلب قد استنار بنور الإيمان وأوقد فيه مصباحه لكن عليه ظلمة الشهوات وعواصف الاهوية فللشيطان هناك إقبال وإدبار ومجالات ومطامع فالحرب دول وسجال وتختلف أحوال هذا الصنف بالقلة والكثرة فمنهم من أوقات غلبته لعدوه أكثر ومنهم من أوقات غلبة عدوه له أكثر ومنهم من هو تارة وتارة .
القلب الثالث قلب محشو بالإيمان قد استنار بنور الإيمان وانقشعت عنه حجب الشهوات وأقلعت عنه تلك الظلمات فلنوره في صدره إشراق ولذلك الإشراق إيقاد لو دنا منه الوسواس احترق به فهو كالسماء التي حرست بالنجوم فلو دنا منها الشيطان يتخطاها رجم فاحترق وليست السماء بأعظم حرمه من المؤمن وحراسة الله تعالى له أتم من حراسة السماء والسماء متعبد الملائكة ومستقر الوحي وفيها أنوار الطاعات وقلب المؤمن مستقر التوحيد والمحبة .
99- الوابل الصيب ج1/ص119
وهذا النوع أيضاً ثلاثة أنواع حمد وثناء ومجد فالحمد لله الإخبار عنه بصفات كماله سبحانه وتعالى مع محبته والرضاء به فلا يكون المحب الساكت حامدا ولا المثني بلا محبة حامدا حتى تجتمع له المحبة والثناء فان كرر المحامد شيئا بعد الشيء كانت ثناء فان كان المدح بصفات الجلال والعظمة والكبرياء والملك كان مجدا وقد جمع الله تعالى لعبده الأنواع الثلاثة في أول الفاتحة فإذا قال العبد (( الحمد لله رب العالمين )) قال الله حمدني عبدي وإذا قال (( الرحمن الرحيم )) قال أثنى علي عبدي وإذا قال (( مالك يوم الدين )) قال مجدني عبدي
100- الوابل الصيب ج1/ص83
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الناس بالنسبة إلى الهدى والعلم ثلاث طبقات :-
الطبقة الأولى ورثة الرسل وخلفاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهم الذين قاموا بالدين علما وعملا ودعوة إلى الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم فهؤلاء اتباع الرسل صلوات الله عليهم وسلامه حقا وهم بمنزلة الطائفة الطيبة من الأرض التي زكت فقبلت الماء فانبتت الكلأ والعشب الكثير فزكت في نفسها وزكا الناس بها وهؤلاء هم الذين جمعوا بين البصيرة في الدين والقوة على الدعوة ولذلك كانوا ورثة الأنبياء صلى الله عليه وسلم الذين قال الله تعالى فيهم (( واذكروا عبادنا إبراهيم واسحق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار )) أي البصائر في دين الله عز وجل فالبصائر يدرك الحق ويعرف وبالقوى يتمكن من تبليغه وتنفيذه والدعوة إليه فهذه الطبقة كان لها قوة الحفظ والفهم في الدين والبصر بالتأويل ففجرت من النصوص انهار العلوم واستنبطت منها كنوزها ورزقت فيها فهما خاصا كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وقد سئل هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء دون الناس فقال لا والذي فلق الحبة وبرا النسمة إلا فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه .
فهذا الفهم هو بمنزلة الكلأ والعشب الكثير الذي أنبتته الأرض وهو الذي تميزت به هذه الطبقة عن الطبقة الثانية فإنها حفظت النصوص وكان همها حفظها وضبطها فوردها الناس وتلقوها منهم فاستنبطوا منها واستخرجوا كنوزها واتجروا فيها وبذروها في ارض قابلة للزرع والنبات ووردها كل بحسبه قد علم كل أناس مشربهم وهؤلاء هم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم (( نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو افقه منه )) وهذا عبد الله بن عباس حبر الأمة وترجمان القران مقدار ما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم لم يبلغ نحو العشرين حديثا الذي يقول فيه سمعت ورأيت وسمع الكثير من الصحابة وبورك في فهمه والاستنباط منه حتى ملا الدنيا علما وفقها قال أبو محمد بن حزم وجمعت فتاويه في سبعه أسفار كبار وهي بحسب ما بلغ جامعها وإلا فعلم ابن عباس كالبحر وفقهه واستنباطه وفهمه في القران بالموضع الذي فاق به الناس وقد سمع كما سمعوا وحفظ القران كما حفظوه ولكن أرضه كانت من أطيب الأراضي واقبلها للزرع فبذر فيها النصوص فانبتت من كل زوج كريم (( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم )) وأين تقع فتاوي ابن عباس وتفسيره واستنباطه من فتاوي أبي هريرة وتفسيره وأبو هريرة أحفظ منه بل هو حافظ الأمة على الإطلاق يؤدي الحديث كما سمعه ويدرسه بالليل درسا فكانت همته مصروفة إلى الحفظ وبلغ ما حفظه كما سمعه وهمة ابن عباس مصروفه إلى التفقه والاستنباط وتفجير النصوص وشق الأنهار منها واستخراج كنوزها وهكذا الناس بعده قسمان :-
قسم الحفاظ معتنون بالضبط والحفظ والأداء كما سمعوا ولا يستنبطون ولا يستخرجون كنوز ما حفظوه وقسم معتنون بالاستنباط واستخراج الأحكام من النصوص والتفقه فيها فالأول كابي زرعة وأبي حاتم وابن دارة وقبلهم كبندار محمد بن بشار وعمرو الناقد وعبد الرزاق وقبلهم كمحمد بن جعفر غندر وسعيد بن أبي عروبة وغيرهم من أهل الحفظ والإتقان والضبط لما سمعوه من غير استنباط وتصرف واستخراج الأحكام من ألفاظ النصوص .
والقسم الثاني كمالك والشافعي والاوزاعي واسحق والإمام احمد بن حنبل والبخاري وأبي داود ومحمد بن نصر المروزي وأمثالهم ممن جمع الاستنباط والفقه إلى الرواية فهاتان الطائفتان هما اسعد الخلق بما بعث الله تعالى به رسوله صلى الله عليه وسلم وهم الذين قبلوه ورفعوا به رأساً وأما الطائفة الثالثة وهم أشقى الخلق الذين لم يقبلوا هدي الله ولم يرفعوا به رأساً فلا حفظ ولا فهم ولا رواية ولا دراية ولا رعاية .
فالطبقة الأولى أهل رواية ودراية .
والطبقة الثانية أهل رواية ورعاية ولهم نصيب من الدراية بل حفظهم من الرواية أوفر .
والطبقة الثالثة الأشقياء لا رواية ولا دراية ولا رعاية (( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا )) فهم الذين يضيقون الديار ويغلون الأسعار إن همة احدهم إلا بطنه وفرجه فان ترقت همته كان همه مع ذلك لباسه وزينته فإن ترقت همته فوق ذلك كان همه في الرياسة والانتصار للنفس الغضبية فان ارتفعت همته عن نصرة النفس الغضبية كان همه في نصرة النفس الكلبية فلم يعطها إلى نصرة النفس السبعية فلم يعطها احد من هؤلاء فان النفوس كلبية وسبعية وملكية فالكلبية تقنع بالعظم والكسرة والجيفة والقذرة والسبعية لا تقنع بذلك بل تقهر النفوس تريد الاستيلاء عليها بالحق والباطل وأما الملكية فقد ارتفعت عن ذلك وشمرت إلى الرفيق الأعلى فهمتها العلم والإيمان ومحبة الله .
101- روضة المحبين ج1/ص42
والفتنة يقال على ثلاثة معان أحدها الامتحان والاختبار ومنه قوله تعالى (( إن هي إلا فتنتك )) أي امتحانك واختبارك والثاني الافتتان نفسه يقال هذه فتنة فلان أي افتتانه ومنه قوله تعالى:
(( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة )) يقال أصابته الفتنة وفتنته الدنيا وفتنته المرأة وأفتنته قال الأعشى :
لئن فتنتني ولهى بالأمس أفتنت ****** سعيدا فأضحى قد قلى كل مسلم
وأنكر الأصمعي أفتنته والثالث المفتون به نفسه يسمى فتنة قال الله تعالى:(( أنما أموالكم وأولادكم فتنة )) .
102- مجموع الفتاوى ج29/ص461
مسألة مد عجوة على ثلاثة أقسام يجمعها أنه بيع ربوي بجنسه ومعهما أو مع أحدهما من غير جنسهما .
القسم الأول/ أن يكون المقصود بيع ربوي بجنسه متفاضلاً ويضم إلى الأقل غير الجنس حيلة مثل أن يبيع ألفي دينار بألف دينار في منديل أو قفيز حنطة بقفيز وغرارة ونحو ذلك فان الصواب في مثل هذا القول بالتحريم كما هو مذهب مالك والشافعي وأحمد وإلا فلا يعجز احد في ربا الفضل أن يضم إلى القليل شيئا من هذا .
القسم الثاني/ أن يكون المقصود بيع غير ربوي مع ربوي وإنما دخل الربوي ضمنا وتبعا كبيع شاة ذات صوف ولبن بشاة ذات مجموع صوف ولبن أو سيف فيه فضة يسيرة بسيف أو غيره أو دار مموهة بذهب بدار ونحو ذلك فهنا الصحيح في مذهب مالك واحمد جواز ذلك .
وكذلك لو كان المقصود بيع الربوي بغير الربوي مثل بيع الدار والسيف ونحوهما بذهب أو بيعه بجنسه وهما متساويان .
ومسألة الدراهم المغشوشة في زماننا من هذا الباب فان الفضة التي في أحد الدرهمين كالفضة التي في الدرهم الآخر وأما النحاس فهو تابع غير مقصود ولهذا كان الصحيح جواز ذلك بخلاف.
القسم الثالث/ وهو ما إذا كان كلاهما مقصودا مثل بيع مد عجوة ودرهم بمد عجوة ودرهم أو مدين أو درهمين أو بيع دينار بنصف دينار وعشرة دراهم أو بيع عشرة دراهم ورطل نحاس بعشرة دراهم ورطل نحاس فمثل هذه فيها نزاع مشهور فأبو حنيفة يجوز ذلك والشافعي يحرمه وعن احمد روايتان ولمالك تفصيل بين الثلث وغيره .
103- مجموع الفتاوى ج31/ص43
الأعمال المشروطة في الوقف على الأمور الدينية مثل الوقف على الأئمة والمؤذنين والمشتغلين بالعلم من القرآن والحديث والفقه ونحو ذلك أو بالعبادات أو بالجهاد في سبيل الله تنقسم ثلاثة أقسام :-
أحدها : عمل يقترب به إلى الله تعالى وهو الواجبات والمستحبات التي رغب رسول الله فيها وحض على تحصيلها فمثل هذا الشرط يجب الوفاء به ويقف استحقاق الوقف على حصوله في الجملة .
والثاني : عمل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه نهى تحريم أو نهى تنزيه فاشتراط مثل هذا العمل باطل باتفاق العلماء لما قد استفاض عن النبي أنه خطب على منبره فقال (( ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط كتاب الله أحق وشرط الله أوثق )) وهذا الحديث وإن خرج بسبب شرط الولاء لغير المعتق فان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب عند عامة العلماء وهو مجمع عليه في هذا الحديث .
القسم الثالث : عمل ليس بمكروه في الشرع ولا مستحب بل هو مباح مستوى الطرفين فهذا قال بعض العلماء بوجوب الوفاء به والجمهور من العلماء من أهل المذاهب المشهورة وغيرهم على أن شرطه باطل فلا يصح عندهم أن يشرط إلا ما كان قربة إلى الله تعالى وذلك لأن الإنسان ليس له أن يبذل ماله إلا لما له فيه منفعة في الدين أو الدنيا فما دام الإنسان حيا فله أن يبذل ماله في تحصيل الأغراض المباحة لأنه ينتفع بذلك فأما الميت فما بقى بعد الموت ينتفع من أعمال الأحياء إلا بعمل صالح قد أمر به أو أعان عليه أو أهدى إليه ونحو ذلك فأما الأعمال التي ليست طاعة لله ورسوله فلا ينتفع بها الميت بحال فإذا اشترط الموصى أو الواقف عملا أو صفة لا ثواب فيها كان السعي في تحصيلها سعيا فيما لا ينتفع به في دنياه ولا في آخرته ومثل هذا لا يجوز وهذا إنما مقصوده بالوقف التقرب والله أعلم .
104- مجموع الفتاوى ج32/ص227
المغالبات ثلاثة أنواع فما كان معينا على ما أمر الله به في قوله (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل )) جاز بجعل وبغير جعل وما كان مفضيا إلى ما نهى الله عنه كالنرد والشطرنج فمنهي عنه بجعل وبغير جعل وما قد يكون فه منفعة بلا مضرة راجحة كالمسابقة والمصارعة جاز بلا جعل .
105- مجموع الفتاوى ج33/ص9
فالطلاق ثلاثة أنواع باتفاق المسلمين الطلاق الرجعى وهو الذي يمكنه أن يرتجعها فيه بغير إختيارها وإذا مات أحدهما في العدة ورثه الآخر و الطلاق البائن وهو ما يبقى به خاطبا من الخطاب لا تباح له إلا بعقد جديد والطلاق المحرم لها لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره وهو فيما إذا طلقها ثلاث تطليقات كما أذن الله ورسوله وهو أن يطلقها ثم يرتجعها في العدة أو يتزوجها ثم يطلقها ثم يرتجعها أو يتزوجها ثم يطلقها الطلقة الثالثة فهذا الطلاق المحرم لها حتى تنكح زوجا غيره بإتفاق العلماء .
106- مجموع الفتاوى ج33/ص57
الصيغ التي يتكلم بها الناس في الطلاق والعتاق والنذر والظهار والحرام ثلاثة أنواع
النوع الأول : صيغة التنجيز مثل أن يقول امرأتي طالق أو أنت طالق أو فلانة طالق أو هي مطلقة ونحو ذلك فهذا يقع به الطلاق ولا تنفع فيه الكفارة بإجماع المسلمين ومن قال إن هذا فيه كفارة فانه يستتاب فان تاب وإلا قتل وكذلك إذا قال عبدي حر أو على صيام شهر أو عتق رقبة أوالحل على حرام أو أنت على كظهر أمي فهذه كلها إيقاعات لهذه العقود بصيغ التنجيز والإطلاق .
والنوع الثاني : أن يحلف بذلك فيقول الطلاق يلزمني لأفعلن كذا أو لا أفعل كذا أو يحلف على غيره كعبده وصديقه الذي يرى أنه يبر قسمه ليفعلن كذا أولا يفعل كذا أو يقول الحل على حرام لأفعلن كذا أولا أفعله أو يقول على الحج لأفعلن كذا أولا أفعله ونحو ذلك فهذه صيغ قسم وهو حالف بهذه الأمور لا موقع لها وللعلماء في هذه الأيمان ثلاثة أقوال :-
أحدها/ أنه إذا حنث لزمه ما حلف به.
والثاني/ لا يلزمه شيء.
والثالث/ يلزمه كفارة يمين ومن العلماء من فرق بين الحلف والطلاق والعتاق وغيرها.
والقول الثالث أظهر الأقوال لأن الله تعالى قال:(( قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم )) وقال:
(( ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم )) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم وغيره من حديث أبى هريرة وعدى بن حاتم وأبى موسى أنه قال (( ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه )) .
والنوع الثالث : من الصيغ أن يعلق الطلاق أو العتاق أو النذر بشرط فيقول إن كان كذا فعلى الطلاق أو الحج أو فعبيدي أحرار ونحو ذلك فهذا ينظر إلى مقصوده فان كان مقصوده أ ن يحلف بذلك ليس غرضه وقوع هذه الأمور كمن ليس غرضه وقوع الطلاق إذا وقع الشرط فحكمه حكم الحالف وهو من باب اليمين وأما إن كان مقصوده وقوع هذه الأمور كمن غرضه وقوع الطلاق عند وقوع الشرط مثل أن يقول لامرأته إن ابرأتيني من طلاقك فأنت طالق فتبرئه أو يكون عرضه أنها إذا فعلت فاحشة أن يطلقها فيقول إذا فعلت كذا فأنت طالق بخلاف من كان غرضه أن يحلف عليها ليمنعها ولو فعلته لم يكن له غرض في طلاقها فإنها تارة يكون طلاقها أكره إليه من الشرط فيكون حالفا وتارة يكون الشرط المكروه أكره إليه من طلاقها فيكون موقعا للطلاق إذا وجد .